تتغيّر استجابة الجسم للأدوية مع تقدم العمر، إذ تضعف لدى البعض القدرة على تصفية الأدوية عبر الكلى، كما تزداد التداخلات الدوائية لدى البعض الآخر نتيجة تناول العديد من الأدوية في وقت واحد، وهذا ما يستدعي اختيار الأدوية بعناية لدى كبار السن. يستعرض المقال بعض أنواع الأدوية التي يُستحسن تجنبّها أو تقليل استخدامها لدى كبار السن.
ما هي قائمة بيرز للأدوية؟
تعبّر معايير بيرز للأدوية Beers Criteria
عن مجموعات دوائية تصنّف بكونها "غير مناسبة" للاستخدام لدى كبار السن
الذين تجاوزت أعمارهم 65 عاماً. تمّ وضع هذه المعايير من قبل الجمعية الأمريكية
لطب الشيخوخة The American Geriatrics Society (AGS) لمساعدة مختصيّ الرعاية
الصحية عند مراجعتهم لأي حالة مرضيّة لدى كبار السن في تحديد الأدوية الملائمة
والتي لا تؤدي لحدوث ضرر خطير على الصحة، أو تترتّب عليها آثار جانبية بسيطة بالمقارنة
مع الفوائد العلاجية المرجوّة منها للمريض.
معايير تصنيف الأدوية في قائمة بيرز
يتم تصنيف الأدوية التي تُدرج ضمن قائمة Beers وذلك وفقاً للمعايير التالية:
1- أدوية يجب تجنبّها لدى كبار السن في حالات مرضية معينة
2- أدوية يجب تجنبّها لدى كبار السن لتداخلاتها الدوائية
العديدة
3- أدوية يجب تجنبّها لدى كبار السن لتسببّها بآثار جانبية
خطيرة تفوق فوائدها المحتملة
4- أدوية يجب تجنبّها أو ضبط جرعاتها لدى كبار السن لإمكانية تأثيرها السلبي على صحة الكلى
أمثلة على مجموعات دوائية ضمن قائمة Beers للأدوية
توجد العديد من الأمثلة على أدوية من الأفضل
تجنبّها أو تقليل وصفها وتعديل جرعاتها لدى الفئة العمرية من كبار السن:
1- الأدوية المضادة للهستامين الجيل الأول
تستخدم مضادات الهستامين التي تنتمي
للجيل الأول First-Generation Antihistamines
مثل كلورفينرامين chlorofeniramine
و هيدروكسيزين hydroxazine في تخفيف أعراض الحساسية
الجلدية أو حساسية الأنف، كما يستخدم دواء ديفينهدرامين diphenhydramine
في مشاكل النوم.
تملك مضادات الهستامين تأثيرات جانبية مزعجة لدى
كبار السن مثل التشويش الذهني، وقد تزيد من احتماليّة السقوط بسبب خصائصها
المركنّة ، كما تسبّب لدى البعض جفاف الفم والإمساك. من الأفضل استخدام هذه
الأدوية لدى كبار السن بحذر شديد وفقط في حالات تفاعلات الحساسيّة الشديدة.
2- مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية وبعض أنواع المرخيات العضلية
على الرغم من الحاجة لاستخدام مضادات
الالتهاب اللاستيروئيدة NSAIDs بشكل كبير
وشائع جداً في تخفيف الآلام وعلاح بعض الالتهابات، إلا أنّه يجدر استخدام هذه
الأدوية لدى كبار فقط عند الحاجة لها بأقل جرعة علاجية ممكنة ولفترة علاجية قصيرة،
حيث ينطوي استخدام هذه الأدوية على عدة
مخاطر مثل:
-
تتداخل
هذه الأدوية مع الكثير من الأدوية المميّعة للدم التي تعتبر شائعة الاستخدام لدى
كبار السن، وقد تسبب حدوث نزوفات هضمية عندما تستخدم بجرعات عالية أو لفترات طويلة.
-
تسبب أدوية NSAIDs
احتباس السوائل وارتفاع في ضغط الدم، كما أنها تملك تأثيرات سلبية على عمل الكلى
وصحة القلب.
كما تصنّف بعض أدوية المرخيات العضلية مثل
سيكلوبنزابرين Cyclobenzaprine ضمن قائمة
بيرز لأنها تملك تأثيرات مضادة للكولينرجيك Anticholinergic
Effects، أي أنها قد
تسبب آثاراً جانبية مثل التشويش والإمساك، في حين لم تُدرج مرخيات عضلية أخرى مثل
باكلوفين Baclofen وتيزينايدين Tizanidine ضمن
قائمة Beers.
3- الأدوية القلبية
تتواجد بعض الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض القلبية في قائمة بيرز مثل:
-
الوارفارين : وذلك بسبب
تداخلاته الدوائية الكثيرة وإمكانية تسببه بنزوفات،
-
أميودارون:
وذلك لإمكانية تسببه بحدوث سميّة على مستوى الغدة الدرقية والرئتين، كما يملك
تأثيرات سلبية على الكبد
-
ديجوكسين:
يملك الديجوكسين تأثيرات سلبية على الكلى
في حال تراجع وظيفة الكلية، ولا يجب أن تتجاوز جرعته عند الحاجة لاستخدامه لدى
كبار السن أكثر من 0.125 ملغ/اليوم.
4- نتروفورانتوئين
يستخدم دواء نتروفورانتوئين Nitrofurantoin
على نطاق واسع لعلاج حالات التهابات المجاري البولية السفلية. لا توجد مشكلة في
استخدامه للحالات الالتهابية البسيطة ولمدة قصيرة، إلا أن استخدامه غير مفضّل
لفترات طويلة في حالات الوقاية من
التهابات المجاري البولية، خاصّةً لدى كبار السن الذين تضعف لديهم وظيفة الكلية.
يتراكم دواء نتروفورانتوئين عند استخدامه لفترات طويلة وقد تظهر بذلك آثاره
السلبية مثل السمية الرئوية والكبدية.
5- الأدوية العصبية:
تستخدم الأدوية التي تستهدف الجهاز العصبي بعناية عند الحاجة لاستخدامها
لدى كبار السن، فمثلاً عند استخدام أدوية علاج الاكتئاب من الأفضل تجنّب
الأدوية التي تملك تأثيرات مضادة للكولنرجيك Anticholinergic
Effects مثل دواء أميتربتلين amitriptyline
ونورتربتلين Nortriptyline و
باروكسيتين Paroxetine، إذ تسبب
هذه الأدوية آثاراً جانبية مثل الإمساك و جفاف الفم والتشويش الذهني و التركين مما
يزيد من احتمالية السقوط.
6- الأدوية الهرمونية:
تستخدم الأدوية الفموية الحاوية على الاستروجين بشكل واسع لتخفيف
أعراض انقطاع الطمث Menopausal Symptoms مثل الهبات
الساخنة، إلا أنّ استخدامها يحمل خطر الإصابة بسرطان الثدي وتشكّل الخثرات
الدموية. في حين لا تحمل الكريمات الحاوية على الاستروجين والتي تستخدم
بشكل موضعي لتخفيف أعراض مثل الجفاف المهبلي ذلك الخطر الكبير لدى السيدات ممّن
تجاوزت أعمارهن 65 عاماً.
7- الأدوية الهضمية:
تستخدم العديد من الأدوية الهضمية بشكل شائع جداً لدى كبار السن، وعلى
الرغم من ضرورة استخدامها في حالات عديدة شائعة لدى هذه الفئة العمرية مثل
الإمساك، إلا أن استخدام بعض هذه الأدوية غير مفضّل لفترات طويلة، فمثلاً يعتبر استخدام
أدوية علاج حموضة المعدة من زمرة مثبطات مضخة البروتون Proton
Pump Inhibitors (PPIs) مثل دواء أوميبرازول Omeprazol
غير مفضّل لفترة تتجاوز 8 أسابيع. يؤثر استخدام هذا الدواء على امتصاص العديد من
الفيتامينات والمعادن الهامة مثل الحديد وفيتامين B12.
كما يعتبر استخدام دواء ميتوكلوبراميد Metoclopramide لتخفيف أعراض الغثيان غير مفضّل لدى كبار السن لارتباط تناوله بحدوث اضطرابات حركية ، أمّا بالنسبة لأدوية تخفيف المغص والألم البطني، من الأفضل تجنّب استخدام أدوية مثل الهيوسيامين hyoscyamine ودايسكلومين dicyclomine التي يحمل استخدامها تأثيرات مضادة للكولينرجيك فتسبب بذلك حدوث أعراض مثل الإمساك وجفاف الفم وزيادة احتمالية نتيجة التأثيرات المركنّة.
ختاماً.... لا تقلّ سلامة الدواء أهمية عن فعاليته خصوصاً لدى كبار السن. لذلك يجب الاهتمام باختيار أفضل الأدوية وأكثرها أماناً لدى هذه الفئة العمرية، وهنا يبرز دور وأهمية قائمة بيرز Beers list لتكون دليلاً يساعد إخصائيّ الرعاية الصحية في انتقاء الأدوية الملائمة، وتجنّب الأدوية ذات التأثيرات السلبية لدى الأشخاص ممّن تجاوزت أعمارهم 65 عاماً.